الخميس، 26 يناير 2023

أغنية الليل

 

سكن الليل وفي ثوب السكون
تختبي الأحلام
وسعَ البدر وللبدر عيون
ترصدُ الأيام
فتعالي يا ابنةَ الحقل نزور
كرمةَ العشّاق
علّنا نُطفي بذيّاك العصير
حرقةَ الأشواق
اسمعِ البلبلَ ما بين الحقول
يسكبُ الألحان
في فضاءٍ نفختْ فيه التلول
نسمةَ الريحان
لا تخافي يا فتاتي فالنجوم
تكتمُ الأخبار
وضبابُ الليل في تلك الكروم
يحجبُ الأسرار
لا تخافي فعروسُ الجنّ في
كهفها المسحور
هجعتْ سكرى وكادت تختفي
عن عيون الحور
ومليكُ الجنّ إن مرَّ يروح
والهوى يثنيه
فهو مثلي عاشقٌ كيف يبوح
بالذي يضنيه

الأربعاء، 9 نوفمبر 2022

غادة السمان: عن “الحاءين” الممنوعتين ومن أجلهما النضال والمنفى

 في رواية “يا دمشق وداعا – فسيفساء التمرد” تتابع الروائية السورية الشهيرة غادة السمان معاركها الأدبية والفكرية من أجل هدف اختصرته بحرف “الحاء” ليشمل عالما سعت إلى تحقيقه يقوم على عمودي وجود هما “الحرية” و”الحب”.

والحرية هنا لا تقتصر على مجرد ممارسة الحق السياسي بأشكاله المختلفة بل تتجاوز ذلك إلى وجوه اجتماعية متعددة تجعل الإنسان شبه مستعبد فيها باسم السلطة الذكورية وباسم التقاليد الاجتماعية والمفاهيم التي يسميها البعض دينية.
والحرية هنا لا تنفصل عن “حاء” أخرى بل عن اثنتين هما “الحق” في “الحب”. والحق في الحب لا يقتصر على حق الإنسان في أن يحب ويكون محبوبا وأن يختار توأم روحه ورفيق عمره بل يشمل هنا الإيجاب والسلب. أن تختار من تريده رفيقا للطريق وأن يكون لك الحق أن تقول له وداعا فقد انتهت القصة إذا اكتشفت أن توقعاتك وأحلامك لم تكن في موضعها.

السبت، 5 نوفمبر 2022

تغيير صورة المرأة العربية في السرد النسائي

 أكيد أن الكل يعلم مدى معاناة المرأة عامة، والمرأة العربية خاصة، في الماضي والحاضر، مع غياب إنسانيتها في البيت والحياة، تحت حجر تقاليد مجحفة، كرست خلال عهود الانحطاط، الوضعية المختلة لواقعها في البيت والمجتمع. ورغم ما حققته راهنا من بعض الحقوق، نتيجة نضالها وفرض جدارتها في المنزل والعمل والفكر والإبداع بصورة بطولية، قدمت من أجلها كثيرا من التضحيات الجسيمة؛ فإنها ما فتئت بعد تئن تحت وطأة ترسانة من القوانين الظالمة، والممارسات الذكورية الشرقية المتسلطة. وأكيد أنه ما زال أمامها زمن مديد من الكفاح والنضال والاحتجاج في وجه واقعها البئيس، وأشواط طويلة من الصعوبات والإحباطات، وفق ما تشرحه خالدة سعيد :

كتابة السيرة الذاتية... صراع الممنوع والمرغوب

 


لا تزال كتابة السيرة الذاتية في الخطاب الثقافي العربي تراوح ما بين المرغوب والممنوع، وذلك تحت وطأة الأعراف والتقاليد التي يفرضها الإرث الاجتماعي والديني والسياسي، ما جعل هذا النوع الأدبي يتعثر تحت مظلة الرقابة المجتمعية، والمحاسبة التي قد تصل إلى ساحة القضاء وأسوار السجن.
في هذا التحقيق آراء لروائيين ونقاد وقفوا على عتبة السيرة الذاتية في كتاباتهم؛ لكنهم يختلفون ربما شكلياً حول توصيف هذه الكتابة، ومع ذلك يتفقون على أنها توفر للمبدع مساحة أرحب من الحرية والابتكار.
-
رواية الذات
في البداية يقول القاص الروائي سيد الوكيل: «من المهم أن ندرك الفارق بين كتابة السيرة الذاتية ذات الطابع التوثيقي، ورواية السيرة الذاتية». ويُعرف الاثنين قائلاً: «الأولى مهما سربت بين صفحاتها من حكايات، فستظل في سياق الحقائق، أما الثانية، فهي ذات طبيعة تخيلية مراوغة ومخاتلة؛ بحيث تباغت الكاتب نفسه بما لا يعرفه، مهما أشار إلى حقائق أو وقائع وشخصيات معروفة. ذلك لأنها تكتب الذات فعلاً وليس الشخصية، بمعنى أنها تنظر إلى ما وراء المرئي في حياتنا».
ويعتقد الوكيل أن «كتابة الذات تحتاج إلى قدرة خارقة، وأنه ليس بوسع أي كاتب أن يكتب رواية سيرة ذاتية، ما لم تكن حياته الشخصية ذات طبيعة درامية. لهذا فالكاتب يغوص إلى البعد الدرامي في حياته. إنه الجانب غير المرئي من جبل الجليد حقاً، ولا سبيل إلى رؤيته بغير الكتابة الأدبية؛ حيث لا انشغال بشيء آخر غير الإمساك بالذات، لا قضايا عامة ولا وقائع موثقة ولا آراء شخصية. فقط الذات التي لا يتحقق وجودها إلا بإزاحة شخصيتك لهامش الوجود، فالشخصية مجرد قناع اجتماعي، وإزاحتها يحتاج لشجاعة نادرة، وقدرة خارقة على أن تكون أنت ذاتك».
كتب سيد الوكيل روايتين، هما «فوق الحياة قليلاً» 1997، و«الحالة دايت» 2011. ويرى أن الواقع النقدي لم يكن مؤهلاً بعد لاستيعاب هذا النوع من الكتابة: «لقد راحوا يفتشون عن الحقائق، وما إذا كانت الوقائع حدثت بالفعل أم لا، ولكن ما يهمني أن هذا النوع من الكتابة، منحني مساحة واسعة من الحرية، ليست حرية الحكي فحسب؛ بل حرية التعبير، لتتطرق لغتي إلى مناطق مجهولة في حياتنا اليومية، وتلم بأفكار تبدو متناقضة، وأبنية سردية غير مسبوقة. لهذا فإن النقاد ولجان التحكيم لم يستوعبوا هذا التشكيل المركب، واعتبروه خارج التصنيف؛ لكني واثق بأن رواية (الحالة دايت) بالتحديد، ستظل عالقة بالذاكرة الأدبية لوقت طويل؛ لأن أحداً لا يستطيع فض لغزها. إنهم يعتبرونها من الروايات المهمة والنادرة في الأدب العربي، ولكنهم لا يعرفون لماذا!».
يتابع الوكيل: «كتبت بعد ذلك مجموعتي القصصية (لمح البصر)، مستفيداً من آليات إنتاج الحلم. إنها المرحلة الأعمق في كتابة الذات التي لا تظهر لنا إلا في لحظات انفلات الوعي والخدر والأحلام. وبالوعي المضمحل نفسه اعتبرها البعض مجرد تسجيل لأحلامي. الأحلام حالة من الغوص العميق في الداخل، بحثاً عن الصندوق الأسود الذي بداخل كل منا. لهذا فكتابة الأحلام ليست سهلة أبداً؛ بل مؤلمة، ويكفي أن أحداً لم يكتبها من قبل سوى نجيب محفوظ، وهو يعاني هسهسات فترة النقاهة إثر محاولة اغتياله». ويختتم بالقول: «يستطيع أي كاتب أن يقول لك: أنا أكتب ذاتي؛ لكنه لم يلتق بذاته يوماً، ولا يعرف ما الذات. هنا تكمن المشكلة».

الأحد، 16 أكتوبر 2022

دراسة اولية لسيرة ليلى ابو زيد "كتاب: رجوع الى الطفولة"

                    1- تعريف الكاتبة:

ولدت ليلى أبو زيد سنة 1950 بالمغرب ، درست اللغة الإنجليزية بجامعة محمد الخامس بالرباط وحصلت على الإجازة ثم هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، واشتغلت بالترجمة والتأليف. بدأت حياتها المهنية حسب المؤلف كصحافية في التلفزيون، وعملت في عدة دواوين وزارية من بينها ديوان الوزير الأول.
من أعمالها رجوع إلى الطفولة وعام الفيل ورواية الفصل الأخير، ومجموعتان قصصيتان: الغريب والمدير. كما كتبت في أدب الرحلة أمريكا الوجه الآخر ثم بضع سنبلات خضر…

2- تعريف السيرة الروائية:
السيرة فن من الفنون الأدبية التي يسعى من خلالها- الكاتب- إلى التوقف عند أهم المحطات من حياته و قد تكون سيرة ذاتية يتحدث فيها الكاتب عن نفسه أو سيرة غيرية يتحدث فيها الكاتب عن غيره. و الكاتبة ليلى أبو زيد في هذا النص تكتب عن نفسها سيرة لكنها تصب المعاني و الأحداث الواقعية التي عايشتها خلال فترة مهمة من حياتها ألا وهي الطفولة تصب هذه المعاني في قالب و شكل روائي.

3- دلالة العنوان:
رجوع إلى الطفولة يوحي العنوان قبل قراءة النص إلى أن الكاتبة تحاول أن تنبش في ذاكرتها لتبحث عن أحداث ميزت طفولتها و بقيت راسخة في ذاكرتها وأثرت في نفسيتها و قد تكون غيرت في مسار حياتها. و الإنسان من طبعه التذكر و استرجاع أشياء قد مضت مهما كانت سلبية أو إيجابية لذلك جاء العنوان مبتدئا بكلمة رجوع و من خصائص (الرجوع) التنقل و الحركة و تغيير الزمان و المكان و تجديد الإحداث فكأن الكاتبة تنتقل من حاضرها إلى ماضيها. ز من زمنها إلى غير زمنها لذلك جاء العنوان نكرة غير معرفة. و من خصائص النكرة النفي، فكأن الكاتبة رغم تدوينها أحداثا مضت إلا أن ذلك جاء كسرا فكأنها ترفض العودة إلى هذا الماضي الذي يذكرها بالمآسي و الآلام و الأحزان و إن كانت قد عادت بطريقة روائية فنية إبداعية كأنها تنفي وقوع هذه الأحداث حقيقة. و لذلك نراها تمتزج بين السيرة و الرواية.

4- دراسة الغلاف:
هذه الصورة الفوتوغرافية باللون الأبيض و الأسود يرمز إلى شيئين اثنين. أولا الإشارة إلى حقبة تاريخية كانت الألوان لم تكتسح الصورة بعد ، و ثانيها دلالة على الحزن الذي تعبر عنه الكاتبة في فصول هذه الرواية فكأنها تشير منذ البداية من خلال هذه الصورة إلى أدنها عاشت حياتها في الطفولة بهذين اللونين البسيطين تظهر في الصورة طفلتان إحداهما تكبر الأخرة لعلها الكاتبة و أختها نعيمة تلتفت إلى الوراء كأنها بذلك تعبر عن خوفها من شيء قد يلحقها أما الحصن أو الحائط أو جدار البيت فكأنه رمز للمستقبل المبهم الذي ينتظرها من خلال الحالة المضطربة التي عاشتها الأسرة طوال الوقت...