‏إظهار الرسائل ذات التسميات ملف الحداثة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ملف الحداثة. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 2 أبريل 2020

قراءة في كتاب "نحن والتراث" لمحمد عابد الجابري. محمد سعيد (جريدة هسبريس)

لقد بدأ موقف العرب المعاصرين من التراث بمرحلة تأكيد الذات، ونحن الآن ندشن مرحلة إعادة بناء الذات، لقد كان التحدي الحضاري الغربي الذي واجه العرب في القرن التاسع عشر من القوة والعنف إلى الدرجة التي جعلت لزاما عليهم أن يتشبثوا بمرحلة من مراحل ماضيهم التي تمنحهم القوة والحصانة للدفاع عن الذات وتأكيدها وبعث الثقة فيها، ولذلك اتجهوا إلى تمجيد التراث والتنويه الذاتي لمواجهة هذا التحدي.

بيان الحداثة (أدونيس 1992)

لنقم ببعض المقارنات بين الحداثة في الغرب وما نسميه الحداثة في المجتمع العربي، نشأت الحداثة في الغرب في تاريخ من التغير عبر الفلسفة والعلم والتقنية ونشأت الحداثة العربية في تاريخ من التأويل، تأويل لعلاقة الحياة والفكر بالوحي الديني وبالماضي إجمالا.
ومن هنا تنتج الفروقات التالية:
الأولى، الغربية- مغامرة في المجهول، في “ما لم يعرف” والثانية، العربية – عودة إلى المعلوم.
الأولى، تؤكد على الأنا- الذات، والثانية تؤكد على النحن- الأمة.
الأولى، لا مرجعية لها إلا الإبداعية، والثانية، قائمة على المرجعية من كل نوع.
الأولى، نوع من المناجاة، والثانية، صلاة إلى القبيلة أو الحزب أو الأيديولوجية.
الأولى، تتحرك في عالم لا سيطرة فيه للمقدس وللرموز الدينية، عالم انتصر فيه الدنيوي، والثانية، تعيش في عالم لا سيطرة فيه إلا للمؤسسات والرموز الدينية.
الأولى، تساؤل وشك، والثانية يقين وتسليم.
الأولى، انفتاح ولا نهائية، والثانية مذهبية وانغلاق.
الأولى، تتأسس على البعد النقدي والحركية، والثانية، تتأسس على بعد القبول والخضوع.
الأولى، فرادات، والثاني، أنساق، الأولى، انفجار معرفي همشت فيه الرؤية الدينية، والثانية، هامش صغير في متن تسيطر عليه وتوجهه الرؤية الدينية.
الأولى، تعدد واحتمالات، والثانية، واحدية، مبدأ وحيد مؤسس وحقيقة واحدة مطلقة.
الأولى، تتحرك في عالم أمات مفهوم الله وأحيا الإنسان، والثانية، تتحرك في عالم الإنسان فيه هو الميت والله فيه هو وحده الحي.
الأولى، تفترض في الذات، وفي من تخاطبه، الحيرة والغموض والشك، والثانية، لا تفترض في الذات، وفي من تخاطبه إلا طاقة الوضوح، والإيمان واليقين.
الأولى، تصدر عن قيمة ترد إليها جميع القيم، قيمة تهيمن على وعي العصر وتوجهه، والثانية، ليست هامشا وحسب وإنما هي منبوذة أيضا ولا تعيش إلا بفضل التصدعات القائمة في المجتمع العربي.
الأولى، دنيوة، والثانية، ديننة.

الأربعاء، 1 أبريل 2020

الحداثة.. بحث دائم عن المعنى


يتطلّب تناول موضوع الحداثة التساؤل عن موقع التفكير والفكر في مختلف حقول الممارسات الثقافية في العالم العربي. ذلك أن المثقف العصري في تاريخنا الثقافي ظاهرة لها وجود مُعلّق، بحكم أن مجتمعنا، باعتباره سؤالا ثقافيا وحتى فنياً، وجد نفسه محاصراً ببنية ثقافية كثيراً ما تستبعد المغامرة الإبداعية أو تتبرّم منها وتعترف، في الغالب الأعم، بما يمجّد التكرار وينخرط في المعايير والنماذج التي تستريح لما يكفل إعادة الإنتاج والاطمئنان إلى المألوف.

ما هي الحداثة؟

يحتل مفهوم الحداثة  Modernity  في الفكر المعاصر مكانا بارزا، فهو يشير بوجه عام الى سيرورة الاشياء بعد ان كان يشير الى جوهرها، ويفرض صورة جديدة للانسان والعقل والهوية، تتناقض جذريا مع ما كان سائدا في القرون الوسطى.
وبالرغم من اهمية هذا المفهوم وشيوعه في الفكر المعاصر، الا انه اكثر التباسا وتعقيدا لما ينطوي عليه من غموض وارتبارطه بحقول معرفية عديدة واستخدامه في مجالات مختلفة وتوازي معناه مع مسيرة الحضارة الغربية الحديثة، التي افرزت اشكاليات رافقت الحداثة وما بعدها، وكذلك تعدد ابعاده ومدلولاته وشموليته لمستويات من الوجود الانساني، العلمية والتقنية والاقتصادية والسياسية والادبية والفنية والفلسفية والتداخل فيما بينها.
والحداثة هي نقيض القديم والتقليدي. فهي ليست مذهبا سياسيا او تربويا او نظاما ثقافيا واجتماعيا فحسب، بل هي حركة نهوض وتطوير وابداع هدفها تغيير انماط التفكير والعمل والسلوك، وهي حركة تنويرية عقلانية مستمرة هدفها تبديل النظرة الجامدة الى الاشياء والكون والحياة الى نظرة اكثر تفاؤلا وحيوية.