الخميس، 27 فبراير 2020

الايام

كان سابع ثلاثة عشر من أبناء أبيه ، وخامس أحد عشر من أشقائه . وكان يشعر بأن له بين هذا العدد الضخم من الشباب والأطفال مكانا خاصا يمتاز عن مكان إخوته وأخواته. أكان هذا المكان يرضيه ؟ أكان يؤذيه ؟ الحق أنه لا يتبين ذلك إلا في غموض وإبهام . والحق أنه لا يستطيع الآن أن يحكم في ذلك حكما صادقا . كان يحسّ من أمه رحمة ورأفة ، وكان يجد من أبيه لينا ورفقا...
 وكان احتياط إخوته وأخواته يؤذيه ، لأنه كان يجد فيه شيئا من الإشفاق مشوبا بشيء من الازدراء . على أنه لم يلبثُ أن تبين سبب هذا كله؛ فقد أحس أن لغيرہ من الناس عليه فضلا ، وأن إخوته وأخواته يستطيعون ما لا يستطيع ، وينهضون من الأمر لما لا ينهض له . 
وأحس أن أمه تأذن لإخوته وأخواته في أشياء تحظرها عليه ، وكان ذلك يحفظه . لكن لم تلبثُ هذہ الحفيظة أن استحالت إلى حزن صامت عميق؛ ذاك أنه سمع إخوته يصفون ما لا علم له به ، فعلم أنهم يرون ما لا يرى .


الايام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق