يقاتل الجندي أعداءه بضراوة، يتمنّى لو يفنيهم جميعاً...لكنه إذا قدّر له، مرة واحدة، أن يعبر إلي الجانب الآخر ويتجوّل بين صفوفهم، سيجدهم بشرا طبيعين مثله، سيرى أحدهم يكتب خطاباً لزوجته، وآخر يتأمّل صور أطفاله، وثالثا يحلق ذقنه ويدندن... كيف يفكر الجندي حينئذ؟... ربما يعتقد أنه كان مخدوعا عندما حارب هؤلاء الناس الطيبين وعليه أن يغيّر موقفه منهم.. أو.. ربما يفكّر أن ما يراه مجرد مظهر خادع، وأن هؤلاء الوادعين ما إن يتخذوا مواقعهم ويشهروا أسلحتهم حتي يتحولوا إلي مجرمين، يقتلون أهله ويسعون إلي إذلال بلاده...
ما أشبهني بذلك الجندي.. أنا الآن فى أمريكا التي طالما هاجمتها وهتفت بسقوطها وأحرقت علمها فى المظاهرات.. أمريكا المسؤولة عن إفقار وشقاء ملايين البشر فى العالم.. أمريكا التي ساندت إسرائيل وسلَّحتها ومكَّنتها من قتل الفلسطينيين وانتزاع أرضهم.. أمريكا التي دعمت كل الحكام الفاسدين المستبدّين فى العالم العربي من أجل مصالحها.. أمريكا الشرّيرة هذه أراها الآن من الداخل فتنتابنى حيرة ذلك الجندي، ويلحّ عليَّ السؤال: هؤلاء الأمريكيون الطيّبون الذين يتعاملون مع الغرباء بلطف، الذين يبتسمون فى وجهك ويحيّونك بمجرد أن تلقاهم، الذين يساعدونك ويفسحون لك الطريق أمام الأبواب ويشكرونك بحرارة لأقل سبب، هل يدركون مدى بشاعة الجرائم التي تقترفها حكوماتهم فى حقّ الإنسانية؟
علاء الأسواني، شيكاغو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق